حوار حول الإخوان وثورة مصر
الخميس 14 صفر 1434ﻫ 27-12-2012م

الجزيرة برس / اسلام ويب/  لم ينتهِ الحديث عن دور الإخوان المسلمين في «ثورة 25 يناير»، ويبدو أنه لن ينتهي قريباً؛ لأن هناك من يسعى حثيثاً إلى طمس هذا الدور أو التقليل من شأنه، أو إثارة الشكوك حوله وحول دوافعه.. كما أن الإخوان – وإن كانوا قد تخلصوا من حملات التشويه الرسمية التي كان النظام السابق يتبنّاها – إلا أن حملات أخرى غير رسمية لا تزال مستمرّة، وبعضها في طور البداية.. وهناك جهات كثيرة تعارض المكتسَبات التي تحققت للإخوان في العهد الجديد؛ من حرية العمل ورفع صفة «الحظر» التي كان النظام البائد يردّدها. وللوقوف على حقيقة دور جماعة الإخوان في الثورة المصرية، ورؤيتها الخاصة للمرحلتَيْن الراهنة والمقبلة، ننقل الحوار التالي مع د. رشاد محمد بيومي نائب المرشد العام للإخوان:

 

 < بدايةً، ما تقييمكم لهذه الثورة الشعبية المباركة؟ وهل شارك الإخوان فيها منذ البداية؟

– هذا الشعب الطيِّب المغلوب على أمره يعاني منذ نحو ستين عاماً من بطش الحكم العسكري، الذي استخدم سلاح القهر والاستبداد والطغيان والفساد والإفساد وتشويه الصورة. وقد بدأ حراك هؤلاء الشباب فيما يُسمى بحركة «6 أبريل»، وكان يصاحبها بعض الاضطرابات العمالية في مدينة «المحلة»، وهي من كبريات المدن الصناعية في مصر، كما استخدم هؤلاء الشباب موقع «فيسبوك» الذي ساعد كثيراً في التواصل بينهم.. وهذه دعوة للشباب المسلم للتعامل مع كل تقنية حديثة، واستخدامها في المجالات الخيِّرة التي تحقق نتائج طيبة. ثم تطورت الأحداث، وعلى إثر ذلك قُتل أحد الشباب غدراً في الإسكندرية، وهو «خالد سعيد»، ثم جاءت الأحداث الأخيرة.. وعندما تجمّع هؤلاء الشباب على «فيسبوك»، وعزموا على الخروج، اجتمعنا نحن وأعطينا الضوء الأخضر لشبابنا أن يشاركوا، وفي حقيقة الأمر لم نكن نتخيل أن تحدث هذه التراكمات الشديدة. وعندما شعرنا بأن النظام سيستخدم جميع الوسائل الإجرامية والقمعية لوأد الثورة منذ بدايتها، أمرنا إخواننا بالنزول؛ لأن شباب «6 أبريل» لم يعتادوا أساليب الكر والفر وكيفية التعامل مع رجال الأمن، أما شباب الإخوان المسلمين فكان لهم السبق في التصدّي للعدوان ودحره بفضل الله تعالى، وخصوصاً في مواجهتهم للبلطجية فيما يُسمّى بموقعة «الجمل»؛ حيث أقدم رموز الحزب الوطني على دفع الأموال الطائلة للبلطجية وغيرهم ممن يركبون الجِمال لمواجهة المعتصمين في «ميدان التحرير،» وكانت النتيجة نصراً من الله للإخوة المعتصمين، وأسر كثير من الجِمال والخيول والبلطجية ومن ثمَّ تسليمهم إلى الجيش. وحدثت مشاهد تقشعر لها الأبدان، وقد شاهدها الملايين عبر القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية، ومن بين تلك المشاهد، أن الناس اصطفت للصلاة وخراطيم المياه تنهمر عليهم، وكان الماء به نسبة كبيرة من المواد الحامضة. كما أن رجال الداخلية لم يتوانوا عن استخدام الذخيرة الحية، وعلى إثرها وقع 360 شهيداً، وأكثر من 5500 جريح، ونحن ما زلنا في سبيل الحصر، ومن بين هؤلاء قُتل نحو أربعين من شباب الإخوان المسلمين، ونحن نأخذ الإحصائية من وزارة الصحة، ونراجع إخواننا في حصر شهداء الإخوان. وكان موقف الشعب المصري عظيماً؛ حيث خرجت الملايين في القاهرة، وكان العدد يتراوح بين خمسة وسبعة ملايين في العاصمة وحدها، ناهيك عن باقي محافظات الجمهورية. فالثورة كانت شعبية، وقد شارك فيها الجميع، وعندما كنت أنا شخصياً أذهب إلى ميدان التحرير كنت أذهب متخفياً، حتى لا يتسرّب أننا نحن من يقود هذه التظاهرات الشعبية. حتى أن ابني الوحيد لم أره إلا ليلة سقوط «حسني مبارك».

 

حاجز الخوف

< بعد نجاح الثورة، ما وسائل الضغط على المجلس العسكري لتحقيق أهدافها؟

– وسيلة الضغط الرئيسة هي وعي الشعب المصري، والمظالم التي تراكمت دعت الآخرين إلى أن يتشجعوا، فكل الموظفين والعمال أصبحوا ثابتين ومتضامنين، لأنهم رأوا أن رئيس الدائرة أو المصلحة أو الشركة يتقاضى الملايين، والموظف أو العامل لا يتجاوز راتبه 500 جنيه تقريباً، فشتان بين هذا وذاك. فهذا النظام خلق بوناً شاسعاً بين الطبقات، ولم يبقَ شيء يُسمّى بالطبقة الوسطى، وتحول المجتمع إلى طبقة غنية جداً وهي قليلة، وطبقة فقيرة من بينها 40% تحت خط الفقر، بحيث لا يتقاضى الشخص منهم أكثر من دولارين يومياً، وهذا الأمر في قمة الظلم. وهذا الإحساس بالظلم لن يخفت بين الناس، وخصوصاً بعد أن كُسر حاجز الخوف، وهذا هو المهم، حيث أصبح الناس على استعداد لأن يواجهوا أي أحد يحاول الالتفاف على متطلباتهم وعلى طموحاتهم.. ونحن نراقب هذا الأمر عن كثب، ونحاول بقدر الإمكان أن نتفاعل مع هذه الأحداث حتى يستمر هذا الزخم.

 

هاجس أمني

< خروج مصر من معادلة الصراع العربي الصهيوني بإبرام معاهدة «كامب ديفيد» أصاب الأمن القومي العربي بالتصدّع؛ حيث تسبّب في إضعاف الدول العربية وانتهاك سيادتها، فما رؤيتكم المستقبلية في هذا الصدد؟

– أعتقد أنه إذا تحرّرت الشعوب من هذا الهاجس الأمني؛ فسوف تتغير المنطقة بما فيها، وهذا ما يحدث حالياً في بعض الدول العربية.. فالكثير من الناس لم يتوقع أن القبضة الأمنية الحديدية المسيطرة، التي كانت تتمثل في أقوى ما يمكن تصوّره من قوة وجبروت وقهر في كلٍّ من تونس ومصر، أصبحت فجأة هباء منثوراً. ولذلك، نرى الكثير من التحركات الشعبية على أكثر من صعيد في بعض الدول العربية، وقبل ذلك لم تكن لتلك الشعوب كلمة، بل إنها ديست بالأقدام في الفترة السابقة، وكان لابد أن تقف تلك الشعوب على قدميها وتسترد ما بقي من عافيتها وتطالب بحقوقها، وإذا حدث هذا فأعتقد أن كل شيء سوف يتغير إلى الأفضل.

 

تأثير مستقبلي

< على مستوى العمل الإسلامي، ونأخذ مثالاً حركة الإخوان المسلمين، ما دورها التالي بعد نجاح الثورة؟ وما تصوراتها المستقبلية على المستويَيْن الداخلي والخارجي؟

– ما ينطبق على الدول العربية بالنسبة للوضع الإستراتيجي العام، ينطبق عليها بالنسبة للعمل الدعوي والإسلامي لأنه هو الوقود.. والحرص على الالتزام يؤدّي إلى النجاح بإذن الله، أما التفسخ والتفريط فينتج أجيالاً من الشباب ليس لها كيان أو قيم أو اعتبارات على الإطلاق، إنما النتاج البشري صاحب الالتزام هو صاحب الكلمة العليا دائماً. والحكم الظالم هو الذي يطغى ويطمس على العقول، فالناس في أغلبهم مشغولون بلقمة العيش ومقومات الحياة المختلفة، بل وتحصيل أي شيء من أجل أن يقتاتوا به، ولم يكن عند الكثير من الناس الوقت الكافي من أجل الاستماع إلى الدعوة إلى الله.

 

< هل نفهم من هذا أن العمل الدعوي والتأثير الفكري سيكون له تأثير في المستقبل؟

– نعم، سيكون هناك تأثير، ولكن لابد من استخدام الحكمة والعقل، وعدم رفع الشعارات الجوفاء المبهجة في ظاهرها ولا تحتوي على أصول في باطنها، فالأمر في حاجة ماسّة إلى التأنّي واستخدام العقول الواعية في كل خطوة نخطوها إلى الأمام.

 

قضية فهم

< يوجد على الساحة أفكار إسلامية متعدّدة ومتنوّعة؛ منها الفكر الوسطي المعتدل، والفكر الجهادي المتشدّد، وتجربة التغيير الحالية شارك فيها الفكر الوسطي داخل مصر وأثبت نجاحاً باهراً دون استخدام القوة أو العنف.. فهل تعتقد أن الثورة المصرية السلمية ستؤثر على الفكر الجهادي في المستقبل على المستوى العام؟

– نعم، لأن الناس شعرت أن الجهاد بالكلمة والالتقاء على كلمة سواء، أكثر مضاء مما حدث سابقاً من أعمال عنف واغتيالات وغيرها، لأن أبناء الشعب عندما كانوا يتعرضون للحصار والتضييق من جانب أجهزة الأمن كان يهتفون بصوت عالٍ: «سلمية.. سلمية»، وكان لتلك الكلمات البسيطة التي تهدر بها الحناجر قوة ومضاء أقوى من أصوات المدافع وأزيز الطائرات. فنحن في حاجة إلى أن يستشعر الناس هذا الأمر، فهؤلاء الشباب كان الكثير منهم يجهل من هم «الإخوان المسلمون»، وكانوا يعتبرونهم مجموعة من «المشايخ» المتزمتين، ولا يصدر عنهم إلا العنف والتشدّد، وهذا الأمر يذكّرنا بما كان يحدث في أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات من القرن الماضي، عندما ذهب الأخ «مصطفى مؤمن» إلى هيئة الأمم المتحدة، ووجدوا شخصاً ملتزماً، وقد استغربوا أن أحد أعضاء الإخوان المسلمين يلبس «البدلة» ويتحدث اللغة الإنجليزية بطلاقة. فالقضية لا تتمثل في حمل سيف بقدر ما هي قضية فَهْم، والدليل على ذلك أن السيف قد حمله البلطجي، ومع ذلك فشل في أن يصل عن طريقه إلى نتيجة.. وهذا لا يعني أننا نلغي من قاموسنا مبدأ «القوة المقاوِمة»، فالقوة والمقاومة مطلوبان إذا حتّمت الضرورة ذلك.

 

تبعة ثقيلة

< سمعنا مؤخراً عن عزوف الإخوان عن تولي رئاسة الجمهورية، أو السعي للسيطرة على مجلسَيْ الشعب والشورى (البرلمان)، فهل الإخوان متردّدون ويتهرّبون من تحمّل المسؤولية؟

– هناك مَنْ أشاعوا الرعب في قلوب الناس خلال الفترات الماضية، وحين أعلن الإخوان عن أنفسهم ومشاركتهم في الثورة بكل قوة منذ بدايتها، بدؤوا يردّدون القول: إن الإخوان جاؤوا لكي يركبوا هذه الثورة ويجعلوها مطية لهم.. وكان لزاماً علينا أن نرد على تلك الأقاويل، بأننا لا نسعى إلى تحمّل تلك التركة والتبعة الثقيلة وحدنا، وأنه لا بد أن يساعدنا في حملها كل فئات الشعب.

 

< هل لديكم برامج أو مشاريع اقتصادية أو إصلاحات سياسية؟

– نعم، وإخواننا المتخصّصون لديهم أطروحات عديدة، سواء السياسية منها أو الاقتصادية أو الاجتماعية وغيرها من مجالات الحياة المختلفة، وسيعلم الجميع عندما تأتي الانتخابات أن الإخوان حين تُتاح لهم الفرصة والحرية فإن أكثر التصويت سيكون لصالحهم. لذلك نريد أن نُطمْئِن كل الأحزاب والفئات المختلفة بأننا سنعطي الفرصة للجميع للمشاركة في بناء مصر وتحمّل عبء المسؤولية، فالسلطة ليست مطمحاً ولا مطمعاً لنا؛ لأن غايتنا أسمى بكثير من أن تكون مقصورة على كرسي رئاسة الجمهورية.

 

قوة شبابية

< فيما يتعلق بالحوار السياسي والاجتماعي بين الإخوان وغيرهم، ما جدوى ذلك الحوار في ظل وجود أفكار متعدّدة ومتباينة على الساحة؟ وهل هناك مشتركات فكرية؟ وهل يسعى الإخوان لإقامة مؤتمر يضم كل تلك الأفكار والخروج ببوتقة فكرية موحدة من أجل بناء دولة ديمقراطية؟

– لقد دعونا كل القوى السياسية للقاء، وتحدّثنا معهم بكل وضوح وشفافية، واتفقنا جميعاً على أصول واضحة، تتمثل في طلب الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية، ولا يتحقق ذلك في ظل حالة الطوارئ، ومن ثمَّ فمطلبنا جميعاً هو الدعوة إلى إلغاء حالة الطوارئ أولاً. وطالبنا بحل مجلسَيْ الشعب والشورى (البرلمان) لأنهما جاءا نتيجة التزوير، وتمّت الاستجابة لهذا الطلب، وكذلك نطالب بحرية تكوين الأحزاب؛ حيث كانت هناك لجنة تكوين الأحزاب يرأسها أمين الحزب الوطني.. كما نطالب بإلغاء جهاز مباحث أمن الدولة، الذي كان يسيطر على كل صغيرة وكبيرة في هذا المجتمع؛ بحيث لا يستطيع أي إنسان أن يجد له فرصة عمل إلا بعد موافقة أمن الدولة.. وأنا شخصياً كنتُ إذا دُعيت إلى أي مؤتمر عالمي لا أستطيع السفر إلا بعد موافقة أمن الدولة! والتقينا على تلك المبادئ الأصيلة مع الآخرين، ولمسنا الاستجابة من بعضهم، والحقيقة أن الأحزاب التي تُسمّى بأحزاب المعارضة هي في حقيقتها أحزاب ورقية، والقوة الأساسية المعارضة تتمثل الآن في الشباب، وهي من إفرازات المجتمع، كما أننا لا نتجاهل المرأة ودورها في صمود الثائرين. وفي ظل استراتيجيتنا الجديدة، وتفهّمنا للأوضاع في الوقت الحالي، نعمل على مد جسور التواصل مع القوة الشبابية، وليس مجرد اتفاقات سياسية، لأنها قوة فرضت مكانتها على أرض الواقع، ونحن نشعر بها ونتعايش معها، وهي حقلنا وميداننا الذي نعمل فيه، وما ينبغي أن نصب قوانا وجهودنا عليه.

 

قصاص عادل

< بعد تلك الأحداث وما أفرزته من مستجدّات في الفكر والسلوك، وما ينتج عنها من خلافات وتضاد، هل أنتم مستعدون للقيام بدور المصلح بين تلك الأطراف؟

– أذناب النظام البائد الذين عاثوا في الأرض فساداً، لن يتنازل المجتمع المصري عن حسابهم ومعاقبتهم على ما اقترفوه من جرائم متعدّدة؛ تتمثل في سفك الدماء وسرقة الأموال ونهب مقدّرات الشعب وهتك الأعراض وغيرها من الجرائم التي تتكشف يوماً بعد يوم. والبقية التي تتحدث عنها انصبت على أن الناس مجرد عبيد للسلطة والمال، وكان الناس يتعاملون معهم بهذا الأسلوب.. وبعد أن نجحت الثورة، أقدم الكثير من الناس على الانشقاق عن الحزب الوطني الحاكم، وقدم الكثير منهم استقالاتهم بصورة جماعية، بعد أن شاهدوا رأس النظام يترنح وينهار ويندحر، لذا من الصعوبة بمكان أن يتعامل المجتمع مع هؤلاء أو يثق فيهم مرة أخرى. أما الذين تلطّخت أيديهم بالدماء، وشاركوا في النهب والسرقة والاختلاس وما شابه، فلا نستطيع أن نفتح صفحة بيضاء مع هؤلاء وأمثالهم، أو نحاول أن نتدخل للصلح بينهم وبين الشعب، لأن الشعب يريد القصاص العادل من هؤلاء واسترداد حقوقه المنهوبة.. ومن جهة أخرى، فإننا لا نريد أن نخرج على الشعب بأمر يفرِّق بيننا وبينهم، لأن الناس في حالة حنق وضيق.

 

خدمات كبيرة

< الإخوان المسلمون أكثر مَنْ تعرّضوا للاضطهاد في العهود السابقة، فهل يدرك الشعب مدى ومقدار هذا الظلم بحيث يكون أحد العوامل الدافعة إلى تأييد الإخوان في الانتخابات القادمة؟

– الناس بالفعل يتفهّمون هذا الأمر، لذلك حينما أُتيحت الفرصة للإخوان عام 2005م كانت النتيجة كاسحة لصالحهم، والإخوان عندما يتسلمون أي نوع من المسؤولية، ومن بينها المجالس المحلية، فإنهم يقدّمون خدمات كبيرة للمجتمع، وكذلك إخواننا في البرلمان أدوا أداءً عظيماً، رغم محاولة الحكومة تنحيتهم جانباً، مع التعتيم على أدوارهم وأدائهم.. فالناس أدركوا هذا الجهد، وبدؤوا يستشعرون أن الإخوان قد ظُلموا بدون سبب أو جريرة. فعلى سبيل المثال، قضية الأخ المهندس «خيرت الشاطر» حين عُرضت على القضاء قضت ثلاث محاكم بالبراءة، فاضطُر النظام إلى عرض القضية على المحاكم العسكرية، أضف إلى ذلك أن الحكومة كانت تبذل جهوداً مضنية في سبيل تشويه صورة الإخوان ووصفهم بأبشع الصفات، لذا علينا واجب إزالة تلك الغمامة من أذهان الناس وعقولهم.

 

واجب وطني

< كيف تتعاملون مع الجيش في تلك المرحلة الانتقالية؟

– الجيش هو حامي حمى الشعب والوطن، وعليه واجب كبير، وكان موقفه في الأحداث حيادياً إلى حد ما؛ فهو لم يعتدِ على أحد، وفي الوقت نفسه لم يمنع الاعتداء. ونرجو أن يتفهّم المجلس الأعلى للقوات المسلحة مطالب جموع الشعب التي تنادي بالحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية، وأن يستشعر حاجات الناس، ويحاول بقدر الإمكان رفع الظلم عنهم.. ونعتقد أن الجيش سيستجيب لمطالب الشعب المشروعة، وحتى الآن القرارات التي أصدرها إيجابية، ومن بينها عزمه تسليم حُكم البلاد إلى سلطة مدنية منتخَبة ديمقراطياً، وتلك هي البداية. وكان لابد من اتخاذ إجراءات من قِبَل المجلس العسكري لطمأنة الشعب الذي يريد تغييراً حقيقياً ملموساً، وفي مقدمتها إلغاء حالة الطوارئ المفروضة منذ نحو ثلاثين عاماً، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين بموجب محاكمات عسكرية استثنائية، فهذه من الأمور البدهية التي كان يجب على الجيش أن ينتبه لها جيداً، وكذلك إطلاق سراح المعتقلين حديثاً الذين لم تصدر بحقهم أي أحكام، وتم اعتقالهم في ظل الأحداث الأخيرة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجلة المجتمع 1943